تتسارع في الآونة الأخيرة الخطوات الإسرائيلية الرامية إلى فرض سيطرة دائمة على أجزاء واسعة من الضفة الغربية، في ظل ما يبدو أنه سياسة متعمدة لفرض "الضم الزاحف" عبر قوانين وإجراءات ميدانية، تمهيدًا لضم رسمي أو واقعي لأراضٍ فلسطينية، في تحد صارخ للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وتشهد الضفة الغربية موجة غير مسبوقة من التوسع الاستيطاني، إذ صادقت الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، على خطط لبناء أكثر من 10 آلاف وحدة استيطانية خلال عام 2024 وحده، إضافة إلى شرعنة عشرات البؤر العشوائية، خاصة في المناطق المصنفة "ج"، والتي تشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات تأتي في سياق خطة ممنهجة لتعزيز الوجود الإسرائيلي وخلق وقائع ميدانية يصعب التراجع عنها في أي تسوية سياسية مستقبلية، وسط ضعف واضح في الموقف الدولي واكتفاء الإدانات بالشجب دون إجراءات ردع حقيقية.
بحسب تقارير لمنظمات حقوقية إسرائيلية ودولية، فقد لجأت سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى توسيع صلاحيات الإدارة المدنية في الضفة، وفرض مزيد من القوانين الإسرائيلية على المستوطنين، في ما يعتبر ضمًا إداريًا غير معلن. كما كثفت إسرائيل من عمليات الهدم ومصادرة الأراضي، خصوصًا في الأغوار ومنطقة جنوب الخليل.
وفي هذا السياق، قالت منظمة "بيتسيلم" إن ما يجري هو "ضم فعلي دون إعلان"، محذرة من أن الصمت الدولي يعطي تل أبيب ضوءًا أخضر لمواصلة المشروع التوسعي.
من جانبها، أكدت السلطة الفلسطينية أن استمرار إسرائيل في تنفيذ مخطط الضم يهدد بنسف ما تبقى من فرص حل الدولتين، مطالبة المجتمع الدولي بضرورة التدخل الفوري وفرض عقوبات رادعة. كما حذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية من أن "المجتمع الدولي، بصمته، أصبح شريكًا في الجريمة".
رغم أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أعربا مرارًا عن قلقهما من التوسع الاستيطاني، إلا أن هذه المواقف لم تترجم إلى خطوات ملموسة، في وقت يتعزز فيه نفوذ اليمين المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية، وتستخدم قضايا الأمن والمواجهة مع الفلسطينيين لتبرير سياسات الضم.
0 تعليق