يوضح الدكتور سعيد عطية أستاذ الدراسات العبرية والعميد الأسبق لكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر كيف يوظف بنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي هو وخاماته فقرات من التوراة؛ليوهم أعداء الكيان الصهيوني بأنهم أمة لا تقهر.
كان نتنياهو قد استعان بالفقرة 24 من سفر العدد الاصحاح والتي تنص على :"هوذا شعب يقوم كلبوة ،ويرتفع كأسد ،لا ينام حتى يأكل فريسة ويشرب دم قتلى" ووضعها على حائط البراق قبل الهجوم على إيران.
يشرح أستاذ الدراسات العبرية الفقرة قائلا: يتحركون بقوة اللبؤة،ويعلون كهيبة الأسد ،لا يهدأ لهم بال حتى يحققوا النصر التام ،جاءت علي لسان نبي كان يراد له أن يلعنهم لكنه باركهم بنص توراتي.
هذه الفقرة التي قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوضعها في حائط البراق قبل الهجوم على إيران ،هي جزء من نبوءة بلعام بن بعور ،النبي الذي استأجره بلاق ملك موأب لكي يلعن بني إسرائيل ،ولكن بتدخل إلهي لم يستطع بلعام أن يلعنهم ،بل نطق ببركات عليهم بأمر من الإله يهوه رب اليهود،.
تصف الفقرة بني إسرائيل وتستخدم Imagery ( صوراً أدبية قوية) لإظهار قوتهم وشجاعتهم.
شرح الفقرة:
هوذا شعب يقوم كلبوة.
شعب : بني إسرائيل.
يقوم كلبوة: اللبوة أنثى الأسد ، ترمز إلى القوة اليقظة والاستعداد للصيد.المعني هنا أن بني إسرائيل بني إسرائيل نهضوا بقوة وعزيمة شجاعة.
ويرتفع كأسد:
الأسد: رمز للهيبة والقوة الملكية ،والمعني هنا أن بني إسرائيل يعلون ويترفعون على أعدائهم دون خوف ،كما ينهض الأسد من مرقده استعدادا للهجوم.
لا ينام حتى يأكل فريسة ويشرب دم قتلى:
الصورة هنا قوية جدا ومخيفة: فهي تعبير عن القوة العسكرية والبطش بالأعداء. . وهذا ما يحدث الآن في غزة وإيران فالكيان الصهيوني لا يهدأ ولا يستريح حتى يحقق النصر الكامل - فيأخذ الفريسة ( أهل غزة وإيران) ويشرب دم القتلى ( تعبير بلاغي عن الإبادة والانتصار التام).
هكذا يوظف نتنياهو وحاخاماته هذه الفقرة وغيرها ،ليوهم أعداء الكيان الصهيوني بأنهم أمة لا تقهر ،يتحركون بقوة اللبؤة،ويعلون كهيبة الأسد ،لا يهدأ لهم بال حتى يحققوا النصر التام ،جاءت علي لسان نبي كان يراد له أن يلعنهم لكنه باركهم بنص توراتي.
يفسر أحبار اليهود هذه الفقرة بأن قوة إسرائيل تأتي من عند إلههم يهوه الذي يصورونه في توراتهم بأنه رب الجنود وإله الحروب ،ويفسرون اللبؤة والأسد بالاستعداد الروحي والحربي ،فاللبؤة تقوم في الصباح الباكر ،إشارة إلي قيام بني إسرائيل للصلاة والطهارة ،أما الأسد فيرمز إلي هيبتهم في الحرب.
أما: لا ينام حتى يأكل فريسة: حسب التلمود وبعض الشروحات ،فهي عبارة عن تشبيه لاستعدادهم للمعركة الروحية والجسدية.
أما التفسير اليهودي التقليدي مثل ما ورد في كتب المفسرين مثل راسي وابن عزرا ،فيذكر أن يهوه إله اليهود هو الذي يقيمهم ويمنحهم القدرة على النهوض كلبوة وأسد ،أي أن هذه القوة روحية قبل أن تكون عسكرية.
وعلى الرغم من أن هذه الفقرة ليست نبوءة واضحة عن أحداث اليوم فإن بعض التيارات الدينية اليمينية في الكيان الصهيوني - يوظفون فقرات كهذه كتبرير ديني لبطش القوة العسكرية الصهيونية ،أو تصوير للصراع الحالي ( مثل غزة وإيران) على أنه امتداد لصراع توراتي بين شعب يهوه إله الحرب ورب الجنود ،وأعدائه .
فمثلاً يقول البعض منهم: نحن كالشعب الذي وصفه بلعام - لا ننام حتى نهزم أعداءنا ( إشارة إلى حرب غزة وإيران) .
وتفسر أيضا في الخطاب الصهيوني على أنها ترخيص ديني للضربات الوقائية أو الحروب الاستباقية.
وأري أن هذا التوقيف لبعض فقرات من التوراة ،يعد تحريفا سياسياً للنصوص الدينية ،واستغلال لنصوص التوراة التي نزلت في سياق معين ،وذلك لتبرير العنف والاحتلال ،وهي تمثل أيضا نوعاً من الاستعلاء الديني القومي، الذي يربط بين التوراة والكيان الصهيوني المصنوع.
نعم يرى نتنياهو وحاخاماته أن الحرب ضد غزة وإيران ليست فقط عسكرية ،بل فريضة دينية מצווה تقرب مجيئ المسيح اليهودي وإقامة الهيكل الثالث.
0 تعليق