يعتبر اليوم الخامس من أعنف المواجهات المباشرة بين إيران وإسرائيل،حتي باتت منطقة الشرق الأوسط تعيش تحت وطأة تصعيد غير مسبوق، تتداخل فيه العمليات العسكرية بالرسائل الاستخباراتية، وتُرسم ملامحه بين تل أبيب وطهران. ومع كل ضربة تُوجّه، يتسع أفق الأسئلة بشأن ما إذا كانت المنطقة تتجه إلى حرب شاملة، أم أن هذه الحرب ستبقى في إطار الرسائل المحسوبة.
ضربات متبادلة ورسائل نارية
أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه استهدف مركز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في هرتسيليا، إلى جانب مركز لتخطيط عمليات الاغتيال في قلب تل أبيب، فيما يبدو أنه رد مباشر على سلسلة اغتيالات نُسبت لإسرائيل خلال الأيام الماضية.
في المقابل، ردت إسرائيل بضربة مؤلمة استهدفت العاصمة الإيرانية، وأعلنت اغتيال رئيس أركان الجيش الإيراني في قصف دقيق بطهران. هذا الإعلان، في حال تأكده، قد يشكّل أحد أخطر التحولات في الصراع الإيراني الإسرائيلي منذ بدايته.
القيادة الإسرائيلية.. "قرار تاريخي"
على الرغم من اعتراف وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بأن بلاده تمر بـ"أيام عصيبة"، إلا أنه وصف قرار مهاجمة إيران بأنه "قرار تاريخي"، يعكس انتقال إسرائيل من سياسة الردع الخفي إلى المواجهة المباشرة، وهو ما قد يعيد تشكيل قواعد الاشتباك الإقليمية.
إيران تستعد لأسوأ السيناريوهات
وكالة "فارس" الإيرانية نقلت عن مصادر مطّلعة أن طهران وضعت خططًا لإدارة المراكز الحساسة في حال تنفيذ عمليات اغتيال إضافية تطال القادة الرئيسيين. الخطة تشمل وجود عشرة بدلاء لكل موقع حساس، في إشارة إلى مدى استعداد إيران لاحتمال استمرار حملة الاستهدافات الإسرائيلية.
من جهته، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحات أبرزتها شبكة “CNN”، أنه لم يمارس أي ضغوط على إسرائيل لوقف حملتها، بل شدد على ضرورة الوصول إلى "نهاية حقيقية" للنزاع، وليس مجرد وقف مؤقت لإطلاق النار. وأضاف أنه يتطلع إلى إذعان كامل من جانب إيران.
الأطراف لا تريد حربًا إقليمية
أكد اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، أن كلاً من إيران وإسرائيل لا يرغبان فعليًا في توسيع دائرة النزاع إلى حرب إقليمية. "الصراع يجب أن يظل محصورًا داخل حدود إيران وفلسطين المحتلة"، مشددًا على أن أي طرف يبدأ بتوسيع الحرب سيفتح على نفسه جبهات يصعب السيطرة عليها.
وحول الطموح النووي الإيراني، أوضح اللواء السيد أن امتلاك السلاح النووي لا يمثل فقط هدفًا سياسيًا، بل هو جزء من العقيدة الاستراتيجية الإيرانية. فالرغبة في التخصيب وامتلاك القدرة النووية تمثل "مسألة حياة أو موت" لطهران، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن مركز الثقل في النظام الإيراني ليس في قواته العسكرية، بل في الإرادة السياسية والعلمية، وهي التي تمكنه من تجاوز محاولات اغتيال العلماء أو القيادات العسكرية.
حرب استخباراتية وسيناريوهات مفتوحة
واختتم السيد تحليله بالإشارة إلى أن الصراع دخل الآن مرحلة جديدة، عنوانها "الحرب الاستخباراتية والرسائل الاستراتيجية الدقيقة". تصريحات إيران بأن "الحرب لم تبدأ بعد" قد تعني أنها لا تزال تحتفظ بجزء من قدراتها الصاروخية، ما يجعل الساحة مهيأة لانفجار في أي لحظة.
الشرق الأوسط أمام مفترق طرق
في ظل هذا التصعيد المتبادل، تظل المنطقة على صفيح ساخن، حيث المواجهة المباشرة لم تعد مجرد احتمال، بل سيناريو مطروح بقوة. وبين رسائل الردع والضربات الخفية، تبقى أعين العالم تترقب لحظة الحقيقة، التي قد تغير خريطة الصراعات في الشرق الأوسط لعقود قادمة.
0 تعليق