لا تكن من اللاهين.. خطيب المسجد الحرام: وقفة التوديع مهيجة للأحزان - لايف نيوز

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، إمام وخطيب المسجد الحرام ، إن وقفة التوديع مثيرة للأشجان، ومهيجة للأحزان؛ إذ هي مصاحبة للرحيل، ومؤذنة بالانقضاء, لقد مضى عام كامل، تقلبت فيه الأحوال، وفنيت الأعمار، وحلت بالأمة فيه نوازل.

وقفة التوديع

وأوضح " خياط"خلال خطبة الجمعة الأخيرة من ذي الحجة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة ، أنه إذا كان ذهاب الليالي والأيام عند الغافلين اللاهين لا يعدو كونه مضي يوم ومجيء آخر، فإنه عند أولي الأبصار باعث حي من بواعث الاعتبار، ومصدر متجدد من مصادر العظة والادكار.

واستشهد بما قال أبو الدرداء رضي الله عنه، فيما رواه الحسن البصري رحمه الله عنه: "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، فإذا ذهب يوم ذهب بعضك", ويصوره أيضًا قول بعض السلف: "كيف يفرح بمرور الأعوام من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره؟ كيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله، وحياته إلى موته؟".

وتابع: وقول بعضهم: “من كانت الليالي مطاياه، سارتا به وإن لم يسر”، منوهًا بأن أولي الألباب يتوقفون عند وداع العام وقفة مراجعة للذات ومحاسبة للنفس، مثل التاجر الحاذق الذي يتفقد تجارته، فينظر إلى أرباحه وخسائره، باحثًا عن الأسباب، متأملًا في الخطأ والصواب.

 المسلك الرشيد

ونبه إلى أن سلوك المسلم الواعي هذا المسلك الرشيد، ليفوق ذلك في شرف مقاصده، ونبل غاياته، وسمو أهدافه؛ لأنه يسعى إلى الحفاظ على المكاسب الحقة التي لا تبور تجارتها.

وأضاف: ولا يكسد سوقها، ولا تفنى أرباحها، من كنوز الأعمال، وأرصدة الباقيات الصالحات التي جعل الله سبحانه وتعالى لها مكانًا عليًا، ومقامًا كريمًا، وفضلها على ما سواها.

ودلل بما قال تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا), لذا كانت العناية بهذه المراجعة، والحرص على هذه المحاسبة، ديدن الأيقاظ، ونهج الراشدين.

وأردف :  لا يشغلهم عنها لهو الحياة ولغوها، وزخرفها وزهرتها وزينتها، فيقطعون أشواط الحياة بحظ وافر من التوفيق في إدراك المنى، وبلوغ الآمال، والظفر بالمقاصد، والسلامة من العثرات.

على النقيض

وأشار إلى أنه على النقيض منهم، أولئك الغافلون السادرون في غيهم وغفلتهم، فإنهم لا يفيقون من سكرتهم، للنظر في مغانمهم ومغارمهم، ولا لاستصلاح ما فرط منهم، والاعتبار بالمصائب، والاتعاظ بالنوازل.

واستطرد:  فهم ممن نسي الله فأنساهم العمل لما فيه صلاحهم وفلاحهم في دنياهم وعقباهم، مشيرًا إلى أن ارتباط المراجعة والمحاسبة بالتغيير نحو الأفضل والأكمل هو ارتباط وثيق وقوي.

وأفاد بأن المراجعة والمحاسبة تكشف للإنسان مواطن النقص والخلل والعيوب, فإذا عزم المصحح، وأخلص النية، واتضح له الطريق، وأحسن العمل، جاءه عون الله بمدد لا ينقطع، فيُحسن عاقبته ويجزيه خير الجزاء.

نهج المراجعة

وأبان أن الحاجة إلى سلوك نهج المراجعة والمحاسبة ليست مقتصرة على أفراد أو فئة معينة، بل الأمة الإسلامية بأسرها في حاجة ماسة إليها، ولا يمكنها الاستغناء عنها، وهي تودع عامًا مضى وتستقبل عامًا جديدًا، ولكن هذه المراجعة والمحاسبة تتسع أبعادها، ويعم نفعها، وتعظم فائدتها بالنسبة للأمة.

وأكد أن محاسبة النفس هي أوضح دليل على كمال عقل المرء، وحرصه التام على أسباب سعادته ونجاحه في كل ما يفعل ويترك, وهي وقفة لا بد لكل عاقل أن يقفها مع نفسه بعد كل عمل، وعند نهاية كل مرحلة، وفي ختام كل مهمة، إذا أراد أن يستقيم أمره، ويصلح حاله، ويسلم مصيره، لينال الفوز العظيم في الدنيا والآخرة.

وشدد على أهمية المداومة على هذه المراقبة الصادقة المحكمة، خاصة عند استقبال مرحلة جديدة من العمل، واستئناف مسيرة الحياة، مع الاعتماد على ما مضى، وعزم على التصحيح والتخطيط لما بقي.

أخبار ذات صلة

0 تعليق