شهد حي حدائق القبة بمحافظة القاهرة، ظهر اليوم، حادثًا مأساويًا تمثل في انهيار عقارين سكنيين بالكامل في شارع أبو سيف من الخليج، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات والوفيات، وسط تحركات عاجلة من الأجهزة التنفيذية والقيادات الأمنية والوزارات المعنية، وعلى رأسها الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، الذي قاد عمليات الإنقاذ بنفسه من موقع الحادث.

بلاغ عاجل بانهيار عقارين في حدائق القبة

بدأت تفاصيل الواقعة في تمام الساعة 12:35 ظهرًا، حين تلقى مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة بمحافظة القاهرة، إلى جانب غرفة العمليات المركزية بالمحافظة، بلاغًا عاجلًا بـ انهيار عقارين سكنيين يحملان الرقمين 20 و22 بشارع أبو سيف في حي حدائق القبة.

على الفور، انتقل الدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية، إلى موقع الحادث، يرافقه اللواء طارق راشد مساعد أول وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة، وقوات الحماية المدنية والإسعاف والقيادات الأمنية، بالإضافة إلى الأجهزة التنفيذية بالمحافظة، من أجل الإشراف المباشر على عمليات الإنقاذ ورفع الأنقاض.

العقارات المنهارة ومواصفاتها الفنية

وفق المعاينة الأولية، تبين في انهيار عقارين أن أحدهما مكون من طابق أرضي وخمسة طوابق علوية، وكان خاليًا من السكان وقت الانهيار، فيما كان العقار الثاني مكونًا من طابق أرضي وأربعة طوابق علوية، وكان مأهولًا بالسكان.

وأوضحت محافظة القاهرة أن الانهيار جاء نتيجة القدم والتقادم الفني في العقارات، حيث كانت مبنية على حوائط حاملة، وهو ما يرجح أنه سبب الانهيار المفاجئ. 

كما تم إخلاء العقار رقم 18 المجاور للعقارين المنهارين احترازيًا من السكان، لحين التأكد من سلامته الهيكلية.

تطورات عمليات الإنقاذ على مراحل

مع بدء عمليات الإنقاذ ورفع الأنقاض، تمكنت قوات الحماية المدنية في الساعات الأولى من استخراج شخصين على قيد الحياة من تحت الركام، وتم نقلهما إلى مستشفى الزيتون لتلقي الرعاية الطبية اللازمة. ومع مرور الوقت، ارتفعت حصيلة الناجين بشكل تدريجي:

في المحاولة الثانية، تم إنقاذ ناج ثالث، ليرتفع العدد إلى 3 مصابين.

لاحقًا، تمكنت القوات من إنقاذ 9 ناجين حتى تلك اللحظة.

ومع تقدم العمل، ارتفعت الحصيلة إلى 13 شخصًا تم إنقاذهم، من بينهم 4 مصابين في حالات متفاوتة الخطورة تم تحويلهم لمستشفى الزيتون.

ووفق آخر حصيلة رسمية، سُجلت حالتا وفاة حتى الآن، مع استمرار عمليات البحث.

إشراف ميداني مكثف من محافظ القاهرة

لم يغادر الدكتور إبراهيم صابر موقع الحادث منذ اللحظة الأولى، حيث أدار عمليات التنسيق بين الجهات الأمنية والتنفيذية، ووجه بتقديم الرعاية الصحية الكاملة للمصابين، ومتابعتهم في المستشفيات حتى تحسن حالاتهم.

كما أكد المحافظ في تصريحاته أن قوات الإنقاذ والحماية المدنية ما تزال تواصل عملها للتأكد من عدم وجود أشخاص آخرين تحت الأنقاض، مشيرًا إلى أن العقارات كانت قديمة ومتهالكة، ما أدى إلى انهيار أحدها وسقوط الآخرين المجاورين له.

تحركات من وزارة التضامن الاجتماعي

وفي السياق ذاته، تابعت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي تداعيات الحادث لحظة بلحظة، حيث وجهت رئيس الإدارة المركزية للحماية الاجتماعية بالتنسيق مع مديرية التضامن بالقاهرة، لتقديم التدخلات الإغاثية العاجلة، فضلًا عن إرسال فرق الهلال الأحمر المصري لموقع الحادث لتقديم الدعم الإنساني والطبي للأسر المتضررة.

كما تم التنسيق مع الجمعيات الأهلية لحصر الخسائر في الممتلكات، والبدء الفوري في إجراء الأبحاث الاجتماعية اللازمة، وتقديم مساعدات عاجلة للأسر المنكوبة.

جهود الشرطة والنيابة العامة

من جانبه، قام اللواء طارق راشد مدير أمن القاهرة بتفقد موقع الحادث، مكلفًا رجال البحث الجنائي بسرعة الانتهاء من التحريات اللازمة لكشف ملابسات الانهيار، كما تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيال الواقعة، وتم العرض على النيابة العامة التي باشرت التحقيقات.

حصر الأضرار والتعامل مع الأسر المنكوبة

تبذل الجهات التنفيذية بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي والجمعيات الأهلية جهدًا كبيرًا لحصر الأضرار المادية والخسائر، بالإضافة إلى توفير سكن بديل مؤقت للأسر التي تم إخلاؤها من العقارات المجاورة حرصًا على سلامتها.

كما تم التأكيد على سرعة إعادة تأهيل العقارات المجاورة بعد الفحص الفني من قبل لجان هندسية متخصصة لتحديد مدى سلامتها الإنشائية.

حذرنا وماحدش سمعنا

في شهادة دامية من قلب المأساة، روى الناجون من حادث انهيار عقارين في حدائق القبة ، تفاصيل الساعات الأخيرة قبل الكارثة، مشيرًا إلى أن الإنذارات كانت متكررة وأن الجهات المعنية كانت على علم بحالة العقار المتدهورة.

"كنا بنجري على الحي شهرين.. ومحدش رد"

وقال أحد الناجين : "أنا ساكن في شقة بالعقار.. وبقالنا شهرين عمالين نجري على الحي علشان نعرف إيه اللي هيتم.. كلنا كنا حاسين بالخطر، وكنا بنشوف أجزاء من البيت بتقع، وبنخاف ننام فيه".

وتابع شهادته بأسى بالغ: "أنا خفت على مراتي وعيالي، وعزلت من البيت من شهر تقريبًا.. لكن النهارده رجعت الصبح أجيب عفشي.. كنت جاي أنقله، وسبحان الله خرجت من البيت قبل الانهيار بنص ساعة بس".

صاحب العقار رفض الترميم

كشف الناجي أن محاولات السكان لترميم العقار قوبلت بالرفض من صاحب العقار نفسه، مؤكدًا أن الوضع كان ينذر بالخطر الوشيك، مضيفًا: "صاحب البيت رفض إن السكان يرمموه، رغم إننا كنا شايفين البيت بيقع قدام عينينا".

وأردف بصوت متهدج: "أنا مش قادر أتكلم بسبب اللي حصل لجيراني.. إحنا كنا بنستغيث من زمان، وكل الجهات كان عندها علم باللي بيحصل في البيت".