أكد سفير بيلاروسيا بالقاهرة، سيرجي تيرتنتييف، قوة الحوار السياسي مع مصر، والذي يُعد أساسًا للعلاقات الثنائية في ضوء الاتصالات الشخصية الجيدة والقائمة على الثقة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، مشيرًا إلى أن الاتصالات السياسية بين البلدين تطورت بشكل كبير منذ عام 2014.

وقال تيرتنتييف – في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط بمناسبة العيد القومي لبيلاروسيا الذي يوافق اليوم الخميس – إن الرئيس البيلاروسي زار مصر أعوام 1998 و2017 و2020، بينما زار الرئيس السيسي العاصمة مينسك عام 2019، مشددًا على ضرورة الحفاظ على هذا الزخم، مرحّبًا بالوفود المصرية التي ستزور بيلاروسيا خلال الأشهر المقبلة، بما في ذلك الاجتماع الثامن للجنة التجارية المشتركة الثنائية في مينسك.

وأشار تيرتنتييف إلى أن زيارة رئيس وزراء بيلاروسيا، رومان جولوفتشينكو، إلى القاهرة العام الماضي، أسفرت عن اتفاقيات ومجالات تعاون جديدة، من بينها إقامة مركز في مصر لإنتاج الأعلاف الحيوانية باستخدام معدات ومواد خام بيلاروسية، ومركز للحبوب باستخدام المعدات البيلاروسية لتخزين وتجفيف الحبوب، فضلًا عن تعزيز التعاون في مجالات الصناعة، وتنقية المياه، وفرز النفايات وإعادة التدوير.

وأوضح أن لقاءات رئيس مجلس النواب البيلاروسي، إيجور سيرجينكو، خلال زيارته للقاهرة في مايو الماضي، فتحت آفاقًا جديدة لتوسيع العلاقات بين البلدين، مؤكدًا أن مصر تُعد صديقًا موثوقًا وشريكًا اقتصاديًا واعدًا، وبوابة لأفريقيا بالنسبة للشركات البيلاروسية.

وأضاف أن مصر أصبحت منصةً للتعاون الصناعي الناجح مع بيلاروسيا، خاصة في مجال الإنتاج المشترك للجرارات وآلات الحصاد والشاحنات ومعدات التعدين والبناء، مؤكدًا استعداد بلاده لنقل التكنولوجيا لتلبية احتياجات الشركاء المصريين، بما في ذلك الرقمنة الزراعية وقطاعات أخرى من الاقتصاد، فضلًا عن توفير المعدات الطبية، والعمل البحثي المشترك.

كما أشار إلى أن بلاده تفخر بتقديم خدمات طبية حديثة وعالية التقنية للمواطنين المصريين، من خلال منشآت متطورة وكوادر طبية ماهرة، لافتًا إلى مشروع مشترك لإنتاج المنتجات الطبية.

ورحّب السفير البيلاروسي بطلاب الطب المصريين للتدريب المتقدم في الجامعات البيلاروسية، ما يُعزز التبادل التعليمي ويدعم الكوادر الطبية المستقبلية التي ستُسهم في تطوير القطاع الصحي في البلدين.

وأكد أن الشراكة الاستراتيجية لا تقتصر على تبادل الخبرات والموارد، بل تفتح أيضًا آفاقًا جديدة للشركات المصرية لدخول أسواق بيلاروسيا ودول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، مشددًا على اهتمام بلاده بالاستفادة من القدرات المتبادلة لتعزيز تصنيع الأدوية وضمان وصول أدوية عالية الجودة للشعبين المصري والبيلاروسي.

وفي مجال الزراعة، أوضح تيرتنتييف أن الجانبين يواصلان استكشاف فرص التعاون لتعزيز الإنتاجية الزراعية والاستدامة وإدارة المياه، بما يشمل البحوث المشتركة، ونقل التكنولوجيا، والمبادرات الرامية إلى مواجهة التحديات المشتركة مثل تغير المناخ وندرة المياه والأمن الغذائي، مع تعزيز التنمية المستدامة.

وفي السياحة، أكد أن مصر تُعد وجهة سياحية موثوقة وجديرة بثقة السائحين البيلاروسيين، وهي ضمن أفضل ثلاث وجهات سياحية لهم إلى جانب روسيا وتركيا، لافتًا إلى أن متوسط أعداد السائحين البيلاروسيين الذين يزورون مصر يبلغ نحو 100 ألف سائح سنويًا، وأن وجود خطوط طيران مباشرة مع مدن شرم الشيخ والغردقة والعلمين يُسهم في زيادة هذا الرقم.

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد تيرتنتييف دعم بلاده لجهود مصر الرامية إلى استقرار الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك إقامة دولة فلسطين، معربًا عن صدمته إزاء تزايد الضحايا والجرحى بين المدنيين، خاصة من النساء والأطفال، جراء الصراع، مؤكدًا أن محاولات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم غير مقبولة وتتعارض مع حل الدولتين.

وأضاف أن بيلاروسيا تدعم الأنشطة الدبلوماسية المصرية لحل الأزمة وتقديم المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، مشيرًا إلى استعداد بلاده للمشاركة في إعادة إعمار القطاع لما تمتلكه من معدات وتقنيات وكفاءات هندسية يمكن توظيفها لخدمة الشعب الفلسطيني.

كما لفت إلى قرار الرئيس البيلاروسي بتنظيم رحلة لإعادة تأهيل مجموعة من الأطفال الفلسطينيين في المركز التعليمي والصحي للأطفال "زوبرينوك"، في إطار جهود بلاده الإنسانية، مع توجيه دعوة مماثلة لمجموعة من الأطفال المصريين لزيارة المركز خلال صيف عام 2025.