12 يونيو 2025, 7:55 صباحاً
في خطوة مفاجئة تتسق مع تصاعد التوترات الإقليمية، أعلنت واشنطن سحب بعض أفرادها الدبلوماسيين والعسكريين من منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً من سفارتها في بغداد ومواقع أخرى رئيسية، وبررت واشنطن هذا القرار الذي أثار مخاوف من تصعيد عسكري وشيك، بـوجود "مخاطر أمنية متزايدة" في المنطقة، وفقاً لمصادر أمريكية وعراقية رفيعة المستوى تحدثت لـ"رويترز"، وبينما برر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه التحركات بأنها إجراء احترازي في "مكان قد يكون خطيراً"، شدد على رفض واشنطن القاطع لامتلاك إيران سلاحاً نووياً، في إشارة واضحة إلى محور الأزمة الحالية.
مخاطر أمنية
وتُشير التطورات الأخيرة إلى أن المنطقة تشهد منعطفاً حرجاً، ففي الوقت الذي تتعثر فيه الجهود الأمريكية للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران، تتزايد المؤشرات الاستخباراتية حول تحضيرات إسرائيلية لضربة محتملة ضد المنشآت النووية الإيرانية، وهذه الأجواء المشحونة لم تقتصر على التصريحات السياسية، بل امتدت لتؤثر على أسواق النفط العالمية، حيث ارتفعت الأسعار بأكثر من 4% عقب أنباء الإجلاء المحتمل، كما أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية أنها سمحت بالمغادرة الطوعية من قاعدتيها في البحرين والكويت، مما يعكس جدية المخاوف الأمنية.
ولم يخفِ ترامب تهديداته المتكررة بضرب إيران إذا ما فشلت المحادثات المتعثرة حول برنامجها النووي، وتتضاءل ثقته في أن طهران ستوافق على وقف تخصيب اليورانيوم، وهو مطلب أمريكي جوهري، وفي المقابل، حذر وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده من أن أي ضربة تتعرض لها إيران ستُقابل برد فعل يستهدف القواعد الأمريكية في المنطقة، مما ينذر بحلقة مفرغة من التصعيد قد تفلت من السيطرة، على الرغم من ذلك، أكدت السفارة الأمريكية في الكويت استمرار عملها بكامل طاقتها، مشيرة إلى عدم تغيير في وضع موظفيها.
انتشار عسكري
وتمتلك الولايات المتحدة وجوداً عسكرياً واسعاً في المنطقة، وقد فوض وزير الدفاع الأمريكي الأفراد العسكريين بمغادرة مواقعهم في الشرق الأوسط طوعاً، مع التركيز على عائلات العسكريين المتمركزين في البحرين، وفيما يتعلق بسفارتها في بغداد، تخطط واشنطن لإخلاء منظم عبر وسائل تجارية، مع استعداد الجيش الأمريكي للتدخل إذا لزم الأمر، ومع ذلك، نفت وكالة الأنباء العراقية الرسمية وجود أي مؤشرات أمنية تستدعي مثل هذا الإجلاء.
وتزداد حدة التوترات داخل العراق منذ بدء حرب غزة في أكتوبر 2023، حيث شنت جماعات مسلحة متحالفة مع إيران هجمات متكررة على القوات الأمريكية، وإن كانت وتيرة الهجمات قد انخفضت منذ العام الماضي، وشهد العام الماضي أيضاً تبادلاً لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وهي الأولى من نوعها بين هذين الخصمين الإقليميين، حيث عبرت الصواريخ والطائرات المسيرة الحربية الأجواء العراقية، واستهدفت إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة الإقليمية، أهدافاً مرتبطة بإيران في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك جماعات مسلحة عراقية تعمل داخل العراق وفي سوريا المجاورة.
دبلوماسية متأرجحة
وفي الأشهر الأخيرة، عززت الولايات المتحدة من أصولها العسكرية في الشرق الأوسط، بما في ذلك نشر قاذفات B-2 وحاملة طائرات ثانية، على الرغم من أن بعض هذه الأصول قد غادرت المنطقة، ومن المتوقع أن تُعقد الجولة القادمة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في الأيام القادمة، حيث يُنتظر أن تقدم إيران اقتراحاً مضاداً بعد رفضها لعرض واشنطن.
ويُعد المسؤولون الإيرانيون التهديد العسكري جزءاً من تكتيكات التفاوض الأمريكية، محذرين من "عواقب وخيمة" لأي عمل عسكري ضد إيران، وفي رد على تصريحات الجنرال الأمريكي مايكل "إريك" كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، حول تقديم "خيارات واسعة" لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، أكدت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة أن "تهديدات القوة الساحقة لن تغير الحقائق: إيران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، والعسكرة الأمريكية لا تؤجج إلا عدم الاستقرار"، وقد أدى تصاعد التوترات إلى تأجيل شهادة الجنرال كوريلا أمام المشرعين الأمريكيين، مما يؤكد حساسية الوضع الراهن، فهل تعتقد أن الدبلوماسية لا تزال قادرة على احتواء التوترات في الشرق الأوسط؟
0 تعليق