بالإجماع اعتمد مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أمس الأول «تقرير دولة الكويت الوطني الرابع»، الذي أكدت فيه البلاد تعزيز منظومتها الوطنية لحماية حقوق الإنسان، عبر إصلاحات تشريعية ومؤسسية وميدانية شاملة وحرصها المتواصل على تطوير الإطار القانوني، بما يتماشى مع المعايير الدولية.
جاء ذلك في جلسة عقدها مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، وقدم فيها وفد الكويت تقريرها الوطني في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل فيها، برئاسة وزير العدل المستشار ناصر السميط.
وأكد السميط أن اعتماد مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بالإجماع «تقرير دولة الكويت الوطني الرابع» يعتبر دليلاً على الاعتراف بالجهود الوطنية الصادقة لتطوير منظومة حقوق الإنسان بمفهومها الشامل والمتكامل وتعزيزها.
وأعرب السميط، لـ«كونا»، عن اعتزاز الكويت بالدعم الذي لقيه هذا التقرير، والملاحظات البناءة التي قدمتها الدول الأعضاء، مشدداً على التزام الكويت بالشفافية والتعاون الإيجابي في إطار هذه الآلية الدولية.
وشدد على أن التقرير الوطني جاء نتيجة المسار الوطني الجاد والتشاوري بين مختلف الجهات المعنية، كما أنه أبرز ما تحقق من خطوات ملموسة في مجال حقوق الإنسان، وعلى رأسها إطلاق الخطة الوطنية لتطوير التشريعات، التي تعتبر إحدى أبرز أولويات الدولة لتعزيز سيادة القانون، وضمان تماشي المنظومة التشريعية الوطنية مع المعايير الدولية.
وخلال جلسة مناقشة التقرير أكد السميط في كلمته أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حرص الكويت على دراسة 290 توصية تلقتها من الدول الأعضاء وموافاة المجلس بالردود الرسمية خلال الدورة المقبلة، مؤكداً حرص الكويت على المتابعة الجادة والتنفيذ المسؤول، وأعرب عن جزيل الشكر والتقدير لأعضاء فريق الترويكا الذين أشرفوا على دراسة التقرير (تايلند - التشيك - بنين) على تعاونهم البناء.
ووجه وزير العدل شكره أيضاً إلى اللجنة الوطنية الدائمة لإعداد التقارير ومتابعة التوصيات ذات الصلة بحقوق الإنسان ممثلة بالسفير الشيخة جواهر الصباح وإلى الوفد الدائم للكويت لدى الأمم المتحدة في جنيف، ممثلاً في السفير ناصر الهين على دورهم المشهود في تنظيم ومتابعة هذا الاستعراض الدوري، إضافة إلى جميع الجهات الوطنية التي ساهمت في إعداد التقرير وإنجاح هذه المشاركة المشرفة.
مراجعة شاملة
وكانت الكويت أكدت في تقريرها على قيامها بمراجعة تشريعية شاملة لجميع القوانين البالغ عددها 983 قانوناً التي أسفرت حتى الآن عن إقرار سلسلة من الإصلاحات القانونية الجديدة.
واستعرض الوفد أبرز إنجازات الكويت على المستويات التشريعية والمؤسسية والميدانية، بينها قانون الحماية من العنف الأسري، ومرسوم بشأن إقامة الأجانب لمكافحة الاتجار بالإقامات، فضلاً عن تعديل قانون الجزاء لإعادة تعريف جريمة التعذيب وفقاً لتوصيات لجنة مناهضة التعذيب، وتعديل قانون الجنسية لمواءمته مع منظومة الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية، وإلغاء المادة 153 دعماً لمبدأ المساواة بين الجنسين، ورفع سن الزواج إلى 18 عاماً، وإلغاء المادة 182 من قانون الجزاء التي كانت تعفي مرتكب جريمة الخطف من العقوبة إذا تزوج الجاني من الضحية.
وأوضح التقرير أن الدولة اتخذت خطوات مؤسسية مهمة، منها إنشاء مراكز لحماية ضحايا العنف الأسري، ومكتب وطني لحماية الطفولة، ولجان وطنية مختصة بحقوق المرأة وتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325، وإنشاء لجنة شؤون المرأة والأعمال المعنية بحماية حقوق وتعزيز دور المرأة في التنمية، إضافة إلى تخصيص نيابات عامة متخصصة لمكافحة الاتجار بالبشر وحقوق الإنسان، وتدشين مراكز حماية الطفولة في يوليو 2024 لمتابعة حالات الاعتداء والإهمال.
كما أكد على الدور المحوري الذي تؤديه المرأة الكويتية في التنمية، إذ تمثل 58 في المئة من إجمالي القوى العاملة الوطنية، وتصل نسبة مشاركتها إلى 60 في المئة في القطاع الحكومي، و48 في المئة في القطاع الخاص، و48 في المئة في مهنة المحاماة، إلى جانب تمثيلها بثلاث حقائب وزارية في الحكومة الحالية.
كما لفت التقرير الوطني إلى الاهتمام البالغ الذي توليه الكويت بتعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ خصصت نحو 340 مليون دولار لدعم الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة للسنة المالية 2023-2024، شملت دعم 82 جهة تعليمية وتأهيلية، واستفاد منها أكثر من 213 ألف شخص، ضمن مؤسسات تعليمية وتأهيلية شملت المدارس والحضانات والمراكز العلاجية في إطار برامج الدمج والدعم التعليمي.
وفيما يخص مكافحة الفساد، أوضح التقرير أن الكويت قامت بإعداد مشاريع قوانين جديدة لتوسيع صلاحيات هيئة مكافحة الفساد وتعزيز دور القضاء واستقلاليته وتشديد حماية الأموال العامة، بما يتوافق مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة.
كما لفت التقرير إلى جهود الكويت في مجال الرقمنة والتحول الإلكتروني، بما في ذلك إطلاق تطبيق «سهل»، الذي أنجز أكثر من 60 مليون معاملة إلكترونية واعتماد استراتيجيات وطنية لخفض الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة، مشيراً إلى أن الدولة تعمل على تعزيز الشراكة مع المجتمع المدني، وضمان حماية الفئات الضعيفة، وتوسيع نطاق نشر ثقافة حقوق الإنسان في المؤسسات التعليمية والإعلامية، من خلال الاستثمار في التعليم والصحة والإسكان وتحقيق مستويات متقدمة في مؤشرات التنمية البشرية.
وعلى الصعيد الدولي لفت التقرير إلى الدور الذي تؤديه الكويت كعاصمة للعمل الإنساني، مؤكداً في هذا السياق التزامها المتواصل في تقديم مساعدات إنسانية واسعة النطاق عبر الصندوق الكويتي للتنمية ودعم جهود الإغاثة في مناطق النزاعات والكوارث خاصة في غزة وسورية واليمن، إضافة إلى تنظيم واستضافة مؤتمرات المانحين الدولية.
وشدد على أن الكويت، بقيادة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، وسمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، تواصل التزامها بنهج الإصلاح والتحديث وتعزيز الحقوق والحريات، موضحاً أن هذه التطورات تعكس التزام الكويت المتجدد بالنهوض بمنظومة حقوق الإنسان وفق نهج يستند إلى مبادئ الدستور والمواثيق الدولية ويهدف إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
ولفت التقرير إلى أن الكويت تلقت في الجولة السابقة 302 توصية، قبلت منها 230 توصية بشكل كامل، و6 توصيات جزئياً، وأخذت بعلم 12 توصية، مؤكداً التزام الدولة بالشفافية والانفتاح وحرصها على الحضور الكامل في جلسات الحوار مع لجان المعاهدات الدولية ذات الصلة.
وأشار إلى تفاعل الكويت مع أصحاب الولايات والإجراءات الخاصة للمجلس، حيث استجابت لعدد من طلبات الزيارات الميدانية والعلمية خلال عامي 2023 و2024، شملت ولايات في مجالات التنمية والعنف ضد النساء وحقوق ذوي الإعاقة والمهاجرين، مؤكداً أن هذه الزيارات تعزز من تبادل الخبرات وتطوير الأداء الوطني.
ويغطي التقرير الوطني الفترة من 2020 إلى نهاية 2024، وأعد بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني والديوان الوطني لحقوق الإنسان وفق منهجية تشاركية شاملة، وتعهد وفد الكويت بدراسة التوصيات المقدمة من الدول الأعضاء بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي بلغ عددها 290 توصية تعنى بتعزيز آليات حقوق الإنسان.
0 تعليق